يذكر كثير من غير المسلمين هذه الشبهات حول الكعبة قائلين: إذا كان الإسلام يحرم عبادة الأصنام والأحجار فلماذا يطوفون بالكعبة ويقبلون الحجر الأسود وكل ذلك من الحجارة؟.
يقول المسلمون: إن المؤمنين ما طافوا به إلا بأمر الله ، وما كان بأمر الله فالقيام به عبادة لله تعالى . والحكمة من الطواف بينها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (( إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )) رواه أبو داود ، فالطائف يطوف بجسده وأما قلبه وروحه فإلى الله اتجهاهما ، وبه تعلقهما. ولسان الحاج وقلبه يلهجان بقولهما: (( لبيك اللهم لبيك )) ولا يقول أحد: (( لبيك يا كعبة لبيك ))، فالطواف والتلبية استجابة لأمر الله ، وليست للكعبة . أي أن المسلمين لا يعبدون الكعبة عندما يطوفون حولها وإنما يعبدون الله وحده خالق كل شىء لأنّ الطواف حول الكعبة امتثال لأمر الله الذي أمر بالطواف حولها وأمر بتعظيمها وجعلها رمزا لتوحيد قلوب المسلمين على عبادة الله الحيّ القيوم.
وهذا التزام لأمر الله وامتثال له وليس لبشر أن يتخذ مكانا آخر ثم يدعو الناس للطواف به أو تعظيمه. وحول الكعبة يظهر المسلمون متجردون من مباهج الحياة الدنيا الفانية، صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم حاكمهم ومحكومهم كلّهم عند الله سواء لا يتفاضلون إلا بالتقوى. يتعارفون بينهم ويتآلفون على عبادة رب واحد، تتجلى معاني الوحدة والأخوة والمحبة في ترجمة عملية لقول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }الأنبياء92.
والحج رمز لتوحيد كلمة المسلمين وتوجيههم إلى تدارس المشكلات والأمور التي تواجه شعوبهم ، وفي الحج مساواة عملية بين الأمير والفرد العادي ، فلا تمييز : لباس واحد ، وحياة واحدة ، بل سمو فوق المادة والحسب والنسب والمال والجاه.